من قرأ التاريخ عرف أن المنظومات الكبرى إنما تنحلُّ عندما تكون سرديتها عاجزة عن تفسير الواقع وعن التعامل معه، وعندما تمارس تلك المنظومة أشكالا من التناقض الداخلي حتى تكون ناقضة غزلها من بعد قوة. لما فشلت الواقعية في تفسير سبب سقوط الاتحاد السوفيتي ظهرت إذ ذاك الليبرالية بديلا ومفسرا للأحداث وتحولت القوى من نظام القطبين إلى بسط الهيمنة الليبرالية في أصقاع الأرض وإن كان بالقوة، وإن كان هذا مشكلا على المبدأ الليبرالي. أما والآن مع ممارسات البلطجة الدولية التي تمارسها أمريكا وهدمها لكل المبادئ التي ادعتها صراحة وجهارا فإنها إنما تنعى نفسها، وتسير نحو حتفها، وستصل عن قريب إلى نقطة اللاعودة،.وحينئذ ستنهار تلك السردية كما انهار غيرها من قبلها، وسيظهر فشل من كان مثل فوكوياما الذي يرى الليبرالية نهاية التاريخ. أسأل الله أن يدبر لعباده أمر رشد وأن يلطف بنا ويرحمنا.